للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيوانات من السخاء ما ليس في الإنسان، ومن أمثال: أكرم من ديك؛ لأنه إذا ظفر بحبة من الحنظة أخذها في منقاره، وطاف بها على الدجاج، حتى يضعها في منقار واحدة منهن.

فالأخلاق إذًا مشتركةٌ بين الإنسان، وبين غيره من الحيوانات، غير أن الإنسان يجتمع فيه ما تفرق في كثير منها.

وما أعلم ما أراد أبو علي -رحمه الله- بقوله: "إن في الإنسان معنى كامنًا فيه كأنه حقيقته ومحصوله"، إلا أن يكون أحد هذين القسمين اللذين أشرت إليهما.

على أن القسم الواحد الذي هو خلق الشجاعة، والسخاء وغيره من الأخلاق ليس عبارة عن حقيقة الإنسان، إذ لا يقال في حده: "حيوان شجاع، ولا سخي"، بل يقال: "حيوان ناطق"، فالنطق الذي هو الاستعداد للعلوم، والصنائع هو حقيقة الإنسان.

فبطل إذًا قول أبي علي رحمه الله تعالى في تمثيله حقيقة الإنسان بالشجاعة والسخاء.

فالخطأ توجه في كلامه من وجهين:

أحدهما: أنه جعل حقيقة الإنسان عبارةً عن خلقه.

والآخر: أنه أدخل في التجريد ما ليس منه.

وهذا القدر كاف في هذا الموضع فليتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>