المنفصل بالمنفصل، وإلا فالبيت ليس من المرضي؛ لأن سبكه سبك عار من الحسن، وفيه تقديم وتأخير.
وقرأت في كتاب "الأغاني" لأبي الفرج أن عمرو بن ربيعة، قال لزياد بن الهبولة١:"يا خير الفتيان، اردد علي ما أخذته من إبلي"، فردها عليه، وفيها فحلها، فنازعه الفحل إلى الإبل، فصرعه عمرو، فقال له زياد:"لو صرعتم يا بني شيبان الرجال كما تصرعون الإبل لكنتم أنتم أنتم"، فقال عمرو له: لقد أعطيت قليلا، وسمت جليلا، وجررت على نفسك ويلا طويلا"، فقوله له: "لكنتم أنتم أنتم"، أي: أنتم الأشداء، أو الشجعان، أو ذوو النجدة والبأس، أو ما جرى هذا المجرى، إلا أن في "أنتم" الثانية تخصيصا لهم بهذه الصفة دون غيرهم، كأنه قال: لكنتم
أنتم الشجعان دون غيركم، ولو مدحهم بأي شيء مدحهم من وصف البأس، والشدة والشجاعة لما بلغ هذه الكلمة، أعني "أنتم" الثانية.
وهذا موضع من علم البيان تتكاثر محاسنه، فأعرفه.
١ في القاموس المحيط "٤-٦٧" أن ابن هبولة، أو الهبولة، أو الهبول: ملك ملوكهم.