للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تستعمل، ويكون استعمالها حسنا، كقولك: والله لأقوم١، فإن أضيف إليها النونان الخفيفة، والثقيلة كان ذلك أبلغ في التأكيد، كقولك: "والله لأقومن".

وعلى ذلك وردت الآية المتقدم ذكرها، وهي قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ، وإن لم يكن جوابًا للقسم، فالنون الواردة بعد اللام زيادة في التأكيد، وهما تأكيدان أحدهما مردف بالآخر.

وكذلك فاعلم أن النون الثقيلة متصلة بهذا الباب، فإذا استعملت في موضع، فإنما يقصد بها التأكيد.

فمما جاء منها قول البحتري٢ في معاتبة الفتح بن خاقان٣:

هل يجلبن٤ إلي عطفك موقف ... ثبت لديك أقول فيه وتسمع

ما زال لي من حسن رأيك موئل ... آوي إليه من الخطوب ومفزع

فعلام أنكرت الصديق وأقبلت ... نحوي ركاب ٥ الكاشحين تطلع


١ التوكيد بالنون هنا واجب؛ لأن الفعل مضارع مثبت وقع جوابا للقسم، ولا اختبار حينئذ للمتكلم، وإن كان التأكيد يحقق الغاية التي بينها ابن الأثير، ولكن النون شرط في الصحة أيضا.
٢ ديوان البحتري ١/ ٢١ من قصيدة له مطلعها:
شوق إليك تفيض منه الأدمع ... وجوى عليك تضيق عنه الأضلع
٣ الذي في الديوان أنه قال هذه القصيدة في مدح أمير المؤمنين المتوكل على الله، وفي القصيدة ما يؤكد أنه في مدح الخليفة المتوكل، لوزيره الفتح خاقان من ذلك قوله:
شرفا بني العباس إن إباكم ... عم النبي وعيصه المتفرع
إن الفضيلة للذي استقى به ... عمر وشفع إذ غدا يستشفع
وأرى الخلافة وهي أعظم رتبة ... حقا لكم ووراثة ما تنزع
أعطاكموها الله عن علم بكم ... والله يعطي من يشاء ويمنع
من ذا يساجلكم وحوض محمد ... بسقاية العباس فيكم يشفع
ملك رضاه رضا الملوك وسخطه ... حتف العدا ورداهم المتوقع
متكرم متورع من كل ما ... يتجنب المتملك المتورع
يا أيها الملك الذي سقت الورى ... من راحتيه غمامة ما تقلح
٤ في الأصل "تحملن" وهو تصحيف، والتصويب عن الديوان.
٥ في الأصل "جناب" موضع "ركاب"، والتصويب عن الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>