للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت بالجزيرة العمرية في الحارة الفلانية في طاحون بني فلان، وكان زمن الملك فلان، فإن مثل هذا كله تطويل لا حاجة إليه، والمعنى المقصود يفهم دونه!!

فاعلم أيها الناظر في كتابي هذا أن التطويل هو زيادات الألفاظ في الدلالة على المعاني، ومهما أمكنك حذف شيء من اللفظ في الدلالة على معنى من المعاني، فإن ذلك اللفظ هو التطويل بعينه١.

قسما الإيجاز:

وأما الإيجاز فقد عرفتك أنه دلالة اللفظ على المعنى من غير أن يزيد عليه.

وهو ينقسم قسمين:

أحدهما: الإيجاز بالحذف، وهو ما يحذف منه المفرد والجملة؛ لدلالة فحوى الكلام على المحذوف، ولا يكون فيما زاد معناه على لفظه.

والقسم الآخر: ما لا يحذف منه شيء وهو ضربان:

أحدهما: ما ساوى لفظه معناه، ويسمى "التقدير".

والآخر: ما زاد معناه على لفظه، ويسمى "القصر".

واعلم أن القسم الأول -الذي هو الإيجاز بالحذف- يتنبه له من غير كبير كلفة في استخراجه لمكان المحذوف عنه.

وأما القسم الثاني فإن التنبه له عسر؛ لأنه يحتاج إلى فضل تأمل، وطول فكرة،


١ البلاغيون على أن الزيادة إن كان لغير فائدة، وكانت تلك الزيادة غير متعينة اختص هذا باسم "التطويل" كما في قوله: "وألفى قولها كذبا ومينا"، فإن الكذب والمين واحد، وإن كانت تلك الزيادة متعينة لا لفائدة اختص هذا باسم "الحشو" كقول الشاعر:
ولا فضل فيها للشجاعة والندى ... وصبر الفتى لولا لقاء شعوب
فإن لفظ "الندى" فيه حشو يفسد المعنى؛ لأن المعنى أنه لا فضل في الدنيا للشجاعة والصبر، والندى لولا الموت، وهذا الحكم صحيح في الشجاعة دون الندى؛ لأن الشجاع لو علم أنه يخلد في الدنيا لم يخش الهلاك، فلم يكن لشجاعته فضل بخلاف الباذل ماله، فإنه إذا علم أنه يموت هان عليه بذله.

<<  <  ج: ص:  >  >>