للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عذب الرضاب إذا أنخنا ... يقبل رحل تروك والوراكا١

يحرم أن يمس الطيب بعدي ... وقد عبق العبير به وصاكا٢

يحدث مقلتيه النوم عني ... فليت النوم حدث عن نداكا

وما أرضى لمقلته بحلم ... إذا انتبهت توهمه ابتشاكا٣

ولا أرضى إلا بأن يصغي وأحكي ... فليتك لا يتيمه هواكا

فقوله: "ولا مناكا" فيه محذوف، تقديره: ولا صاحبت مناكا، وكذلك قوله: "ولا

إلا بأن يصغي وأحكي" فإن فيه محذوفا، تقديره: ولا أرضى إلا بأن يصغي وأحكي.

أما القسم الأخر: فإنه لا يظهر فيه قسم الفعل؛ لأنه لا يكون هناك منصوب يدل عليه، وإنما يظهر بالنظر إلى ملاءمة الكلام.

فمما جاء منه قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} ٤.

فقوله: {لَقَدْ جِئْتُمُونَا} ، لقد جئتمونا"يحتاج إلى إضمار فعل: أي فقيل لهم: لقد جئتمونا، أو فقلنا لهم.

وقد استعمل هذا القرآن الكريم في غير موضع، كقوله تعالى:

{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} ٥.


١ الرضاب: ماء الأسنان، وتروك: اسم ناقة أعطاها له عضد الدولة، والوراك: جلد يتخذه الراكب تحت وركه، يقول: كم هناك من شخص عذب الرضاب، إذا أنخت إليه ناقتي قبل رحلها، ووراكها إعجابا بها، يفديها بنفسه إكراما لها إذا أدنتني إليه.
٢ في الأصل "علق" موضع "عبق"، والتصويب عن الديوان، وصاك الشيء بالشيء لصق به.
٣ التشبيك والاشتباك الكذب، وأبشك القول، وحرفه واختلفه، بمعنى.
٤ سورة الكهف: الآية ٤٨.
٥ سورة الأحقاف: الآية ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>