للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأخبرني عن بني١ المهلب، قال: هم أحلاس٢ القتال بالليل، حماة السرح٣ بالنهار.

قال: أيهم أفضل٤ "قال: ذلك إلى أبيهم.

قال: لتقولن"٥.

قال: هم كحلقة مضروبة لا يعرف طرفاها٦.

فقال الحجاج لجلسائه: هذا والله هو الكلام الفصل الذي ليس بمصنوع٦.

وقد ورد في الأخبار النبوية من هذا الضرب شيء كثير، وسأورد منه أمثلة يسيرة.

فمن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات".

وهذا الحديث من أجمع الأحاديث للمعاني الكثيرة، وذاك أنه يشتمل على جل الأحكام الشرعية، فإن الحلال والحرام إما أن يكون الحكم فيهما بينا لا خلاف فيه بين العلماء؛ وإما أن يكون خافيا يتجاذبه وجوه التأويلات، فكل منهم يذهب فيه مذهبا.

وكذلك جاء قوله -صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

فإن هذا الحديث أيضا من جوامع الأحاديث للأحكام الشرعية.

ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم: "المضعف أمير الركب"، وقد ورد آخر هذا الحديث بلفظ آخر، فقال -صلى الله عليه وسلم: "سيروا بسير أضعفكم" إلا أن الأول أحسن؛ لأنه أبلغ


١ في العقد "ولد المهلب" موضع "بني المهلب".
٢ في العقد "أعداء القتال" موضع "أحلاس القتال".
٣ في الأصل "السرج" بالجيم المعجمة، وهو تصحيف، والسرح هو المال السائم من الأنعام، ويروى: كانوا حماة السرح نهارا فإذا أليلوا ففرسان البيات".
٤ وفي رواية: فأيهم كان أنجد؟
٥ ويروى: "كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها".
٦ رواية العقد: "فقال الحجاج لجلسائه: هذا والله الكلام المطبوع لا الكلام المصنوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>