للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أرسل المهلب بن أبي صفرة١ أبا الحسن المدائني٢ إلى الحجاج بن يوسف يخبره أخبار الأزارقة كلمه كلاما موجزا كالذي نحن بصدد ذكره ههنا، وذاك أن الحجاج سأله، فقال: كيف تركت المهلب? فقال: ما أدرك ما أمل، وأمن مما خاف.

فقال: كيف هو لجنده? قال: والد رءوف.

قال: كيف جنده له? قال: أولاد بررة.

قال: كيف رضاهم عنه؟ قال: وسعهم بفضله، وأغناهم بعدله٣.

قال: كيف تصنعون إذا لقيتم عدوا?٤ قال: نلقاهم بجدنا "فنطمع فيهم"٥، ويلقوننا بجدهم فيطمعون فينا"٥، قال: كذلك الجد إذا لقي الجد.

"قال: فما حال قطري؟ قال: كادنا ببعض ما كدناه.

قال: فما منعكم من اتباعه، قال: رأينا المقام من ورائه خيرًا من اتباعه"٥.


١ عمل المهلب لبني أمية، وحارب عنهم الأزارقة، وآخر ما تولى من الأعمال بلاد خرسان، تولاها من جهة الحجاج يوم كان له العراقان، وما زال عليهما حتى توفي سنة ٨٣هـ، وهو من كبار رجال الإسلام في تلك الدولة، وقداشتهر هو وآله بالكرم والشجاعة.
٢ اختلط الأمر على ابن الأثير، فإن المهلب لم يرسل أبا الحسن المدائني، وإنما أرسل مالك بن بشير، وأبو الحسن المدائني إنما هو راوية هذا الخبر فقط، والصحيح ما ذكره صاحب العقد "١/ ١٢٢" أن أبا الحسن المدائني، قال: لما هزم المهلب بن أبي صفرة قطري بن الفجاءة، صاحب الأزارقة بعث إلى مالك بن بشير، فقال له: إني موفدك إلى الحجاج، فلم دخل على الحجاج قال له: ما اسمك؟ قال: مالك بن بشير، قال: ملك وبشارة! كيف تركت المهلب؟ ... ".
٣ رواية العقد الفريد "١/ ١٢٢": وسعهم، بالفضل وأقنعهم بالعدل".
٤ وفي العقد: "إذا لقيتم عدوكم".
٥ زيادة عن العقد الفريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>