للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما ورد من ذلك شعرا، فقول النابغة١:

وإنك٢ كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

وتخصيصه الليل دون النهار مما يسأل عنه!

وكذلك قوله٣:

ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث، أي الرجال المهذب

وعلى هذا الأسلوب ورد قول الأعشى في اعتذاره إلى أوس بن لام عن هجائه إياه:

وإني على ما كان مني لنادم ... وإني إلى أوس بن لام لتائب

وإني إلى أوس ليقبل عذرتي ... ويصفح عني ما حييت لراغب

فهب لي حياتي، فالحياة لقائم ... بشكرك فيها خير ما أنت واهب

سأمحو بمدح فيك إذ أنا صادق ... كتاب هجاء سار إذ أنا كاذب

وهذا من المعاني الشريفة في الألفاظ الخفيفة، وهو من طنانات الأعشى المشهورة.

وعلى نحو منه جاء قول الفرزدق٤:

صبحناهم الشعث الجياد كأنها ... قطا هيجته يوم ريح أجادله٥


١ ديوان النابغة، من مجموع مشتمل على خمسة دواوين من أشعار العرب، ٥٥ من قصيدة له في مدح النعمان بن المنذر، والاعتذار إليه، وهجاء مرة بن ربيعة لما قذف عليه عند لنعمان، ومطلعها:
عفا ذو حسا من فرتنى فالفوارع ... فجنبا أريك فالتلاع الدوافع
٢ رواية الديوان "فإنك" بالفاء.
٣ المصدر السابق ١٤ من قصيدة له أولها:
أتاني أبيت اللعن أنك لمتنى ... وتلك التي أهتم منها وأنصب
٤ شرح ديوان الفرزدق ٢/ ٧٣٦ والنقائض ٦٢٩ الطبعة أوروبا، من قصيدة في هجاء جرير وأولها:
سمونا لنجران اليماني وأهله ... ونجران أرض لم تديث مقاوله
وهي إحدى نقائضه، وقد نقضها عليه جرير بقوله:
ألم تر أن الجهل أقصر باطله ... وأمسى عماء قد تجلت مخايله
٥ رواية الديوان والنقائض:
صبحناهم الجرد والجياد كأنها ... قطا أفزعته يوم طل أجادله
والأجادل: جمع الأجدل وهو الصقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>