للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما انتهى إلي من أخبار ابن المزرع١، قال: سمعت الجاحظ يقول: لا أعرف شعرا يفضل هذه الأبيات التي لأبي نواس، ولقد أنشدتها أبا شعيب القلال، فقال: والله يا أبا عثمان، إن هذا لهو الشعر، ولو نقر لطن، فقلت له: ويحك! ما تفارق عمل الجرار والخزف!

ولعمري إن الجاحظ عرف فوصف وخبر فشكر، والذي ذكره هو الحق.

وعلى هذا الأسلوب جاء قول أبي تمام٢:

إن القوافي والمساعي لم تزل ... مثل النظام٣ إذا أصاب فريدا

هي جوهر نثر فإن ألفته ... بالشعر صار قلائدا وعقودا

في كل معترك وكل مقامة ... يأخذن منه ذمة وعهودا

فإذا القصائد لم تكن خفراءها ... لم ترض منها مشهدا مشهودا

من أجل ذلك كانت العرب الألى ... يدعون هذا سوددا محدودا

وتند عندهم العلا إلا علا ... جعلت لها مرر القريض٤ قيودا


١ هو يموت بن المزرع بين موسى بن سيار العبدي، من عبد قيس البصري ابن أخت أبي عثمان الجاحظ، نحوي أديب راوية، كره الزبيدي في نحاة في مصر، أخذ عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي، ونصر بن علي الجهضمي، وكان من مشايخ العلم والشعر، أخباريا حسن الآدب، دخل بغداد، ومات بطبرية، وقيل: بدمشق سنة ثلاث أو أربع وثلثمائة، وكان له ولد يقال: له مهلهل بن يموت.
٢ ديوان أبي تمام ٩٠ من قصيدة له في مدح خالد بن يزيد الشيباني، مطلعها:
طلل الجميع لقد عفوت حميدًا ... وكفى على رزئي بذك شهيدا
٣ رواية الديوان "لجمان".
٤ رواية الديوان "مرر القصيدة" والمرر الحبال المحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>