أي أنك ظلمتها وما ظلمتها؛ لأن ظلمك إياها أدى إلى ما هو جميل حسن.
وهذا القدر في الأمثلة كاف في هذا الباب.
القسم الآخر من الضرب الثاني، في الإيجاز بالقصر:
وهو الذي لا يمكن التعبير عن ألفاظه بألفاظ أخرى مثلها وفي عدتها، وهو أعلى طبقات الإيجاز مكانا، وأعوزها إمكانا، وإذا وجد في كلام بعض البلغاء، فإنما يوجد شاذًّا نادرًا.
فمن ذلك ما ورد في القرآن الكريم، كقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ١.
فإنه قوله تعالى:{الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ، لا يمكن التعبير عنه إلا بألفاظ كثيرة؛ لأن معناه أنه إذا قتل القاتل امتنع غيره عن القتل، فأوجب ذلك حياة للناس.
ولا يلتفت إلى ما ورد عن العرب من قولهم: القتل أنفى للقتل، فإن من لا يعلم يظن أن هذا على وزن الآية، وليس كذلك، بل بينهما فرق من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن {الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} لفظتان، و"القتل أنفى للقتل" ثلاثة ألفاظ.
الوجه الثاني: أن في قولهم: "القتل أنفى للقتل" تكريرا ليس في الآية.