للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "التكرير"، فإنه: دلالة على المعنى مرددًا، كقولك لمن تستدعيه: أسرع أسرع، فإن المعنى مردد واللفظ واحد.

وسيرد بيان ذلك مفصلًا في بابه بعد باب الإطناب؛ لأني ذكرت الإيجاز، ثم الإطناب، ثم التكرير، وهي أبواب يتبع بعضها بعضا.

وإذا كان "التكرير" هو إيراد المعنى مرددا، فمنه ما يأتي لفائدة، ومنه ما يأتي لغير فائدة.

فأما الذي يأتي لفائدة، فإنه جزء من الإطناب، وهو أخص منه، فيقال حينئذ: إن كل تكرير يأتي لفائدة، فهو إطناب وليس كل إطناب تكريرًا يأتي لفائدة، وأما الذي يأتي من التكرير لغير فائدة فإنه جزء من التطويل، وهو أخص منه، فيقال حينئذ: إن كل تكرير يأتي لغير فائدة تطويل، وليس كل تطويل يأتي لغير فائدة.

وكنت قدمت القول في باب الإيجاز بأن الإيجاز هو: دلالة اللفظ على المعنى من غير زيادة عليه.

وإذا تقررت هذه الحدود الثلاثة المشار إليها، فإن مثال الإيجاز والإطناب، والتطويل مثال مقصد يسلك إليه في ثلاثة طرق: فالإيجاز هو أقرب الطلاب الثلاثة إليه، والإطناب والتطويل هما الطريقان المتساويان في البعد إليه، إلا أن طريق الإطناب تشتمل على منزه من المنازه لا يوجد في طريق التطويل١، وسيأتي بيان ذلك بضرب الأمثلة التي تسهل من معرفته.

والإطناب يوجد تارة في الجملة الواحدة من الكلام، ويوجد تارة في الجمل المتعددة.

والذي يوجد في الجمل المتعددة أبلغ، لاتساع المجال في إيراده.

وعلى هذا فإنه بجملته ينقسم قسمين:


١ هذا هو تمثيل أبي هلال، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من كلامه في الهامش "٢" من صفحة "٣٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>