للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد دخلتها فاستهوتني حسدًا، ولم أصاحبها على قوله: "لن تبيد هذه أبدًا"١.

فهذا الوصف على هذه الصورة يسمى "إطنابا"؛ لأنه لم يعر عن فائدة.

وذاك الأول هو "الإيجاز"؛ لأنه اشتمل باختصاره على جميع أصناف الفاكهة.

وأما "التطويل": فهو أن تعد الأصناف المذكورة تعدادًا من غير وصف لطيف، ولا نعت رائق فيقال: مشمش، وتفاح وعنب ورمان، ونخل وكذا، وكذا.

وانظر أيها المتأمل إلى ما أشرت إليه من هذه الأقسام الثلاثة في الإيجاز، والإطناب والتطويل، وقس عليها ما يأتي منها.

وسأزيد ذلك بيانًا بمثال آخر، فأقول:

قد ورد في باب "الإيجاز" كتاب كتبه طاهر بن الحسين إلى المأمون -رحمه الله تعالى- يخبره بهزيمة "علي بن"٢ عيسى بن ماهان وقتله إياه، وهو: "كتابي إلى أمير المؤمنين، ورأس "علي بن" عيسى بن ماهان بين يدي، وخاتمه بين يدي، وعسكره مصرف تحت أمري، والسلام".

وهذا كتاب جامع للمعنى، شديد الاختصار.

وإذا كتب ما هو في معناه على وجه "الإطناب" قيل فيه ما أذكره، وهو ما أنشأته مثالًا في هذا الموضع، ليعلم به الفرق بين الإيجاز والإطناب، وهو:

"أصدر كتابه هذا، وقد نصر بالفئة القليلة على الفئة الكثيرة، وانقلب باليد الملأى


١ مأخوذ من قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [سورة الكهف: الآية ٣٥] .
٢ زيادة ليس في الأصل، وكان علي بن عيسى بن ماهان هو، والفضل بن الربيع من رجال الأمين، وكان علي بن عيسى صاحب أمره كله، وعقد له في سنة ١٩٥ على كور الجبل كلها: نهاوند وهمذان وقم وأصفهان، حربها وخراجها، وقد شخص في هذه السنة إلى حرب المأمون، حتى بلغ الري، فلقيه طاهر بن الحسين، واستمر القتال بينهما إلى أن قتل علي سنة ١٩٥، وقد سبق إيراد هذا الكتاب قبل ذلك في هذا القسم الثاني:

<<  <  ج: ص:  >  >>