للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشكالها في الصور المعلمة، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم "بها فيما ورد عنه من الأخبار، وجعل صاحبها معدودًا من زمرة أصحاب النار.

ومما حيد به عن السنن قراءة القرآن بضروب الألحان، وتلك قراءة تخرج حروفها من غير مخرج، وتبدو معوجة وهو قرآن عربي غير ذي عوج، وقد أمر الله بترتيله، وإيراده على هيئة تنزيله، فمن قرأه بالترجيع والترديد، وزلزل حروفه بالتمطيط والتمديد، فقد ألحقه بدرجات الأغاني، وذهب بما فيه من طلاوة الألفاظ والمعاني، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء، والنوح لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم".

ويلتحق بذلك اقتناء القينات المغنيات اللاتي يلعبن بالعقول لعبهن بالأسماع، ويغنين الشياطين بغنائهن عن بث الجنود والأشياع، وفتيا النفس الأمارة في ذلك أن تقول: هؤلاء إماء يحل نغمة سماعهن، كما يحل ما تحت قناعهن، وقد علم أن لكل شيء تماما، وقد ينقلب فيصير حرامًا، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا القينات المغنيات ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام". وفي مثل هذا أنزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} ١.

وكذلك يجري الحكم في المواشط اللاتي يجعلن الحسن موفورًا، والقبح مستورًا، ويخدعن الناظر حتى يجعلنه مسحورًا، فهن يبدين صدقًا من كذب، وجدا من لعب، وفعلهن هذا من الغش الذي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: "إنه ليس منه" ٢، وقد لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة٣.


١ سورة لقمان: الآية ٦.
٢ إشارة إلى قوله -صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا"، أو من غش أمتي فليس مني".
٣ الواصلة التي تصل شعرها بشعر غيرها، والواشرة التي تحدد أسنانها، والواشمة التي تشم يدها أو غير ذلك من أعضائها، والمستفعل من كل هذه الأشياء من يطلبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>