للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعار للغني فلم يزد صاحبه من الحسنات إلا إملاقًا، وللبس عباءة مع التقوى أحسن في العيون شعارًا، وأعظم في الصدور وقارًا.

ويلتحق بهذه المعصية صوغ الذهب، والفضة آنية يمنع منها حق الصدقات، وهو حق يقاتل مانعه، ويعصى في استعمالها أمر الله، وهو حد من حدوده يعاقب عاصيه، ويثاب طائعه.

وكذلك يجري الحكم في الصور المرقومة في البيوت والثياب، وعلى الستور المغلقة على الأبواب، وإخراجها في ضروب أشكال الحيوان لملاعبة الصبيان، وذلك مماثلة لخلق الله في التقدير، ولهذا يؤمر صانعه بنفخ الروح فيما صوره من التصوير.

ومما يغلظ نكيره إطالة الذيول للاجترار، والمباهاة لما فيها من عنجهية التيه والاستكبار، ولن يخرق صاحبها الأرض بإعجابه، ولا يبلغ الجبال بإطالة ثيابه١، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء".

ومما هو أشد نكيرًا أمر الحمامات، فإن الناس قد أصروا بها على الإجهار، وترك الاستتار، والتهاون بأمر العورات التي لصاحبها اللعنة، وله سوء الدار.

والنساء في هذا المقام أشد تهالكًا من الرجال، وقد ابتذلن أنفسهن حتى أفرطن في فاحشة الابتذال، ولهن محدثات من المنكر أحدثها كثرة الإرفاه والإتراف، وأهمل إنكارها حتى سرت في الأوساط والأطراف، وقد أحدثن الآن من الملابس ما لا يخطر للشيطان في حساب، وتلك من لباس الشهرة الذي لا يستر منه إسبال مرط٢، ولا إدناء جلباب.

ومن جملتها أنهن يعتصبن عصائب كأمثال الأسنمة، ويخرجن من جهارة


١ مأخوذ من قول الله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [سورة الإسراء: الآية ٣٧] .
٢ المرط: بالكسر كساء من صوف، أو خز وجمعه مروط.

<<  <  ج: ص:  >  >>