للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبطء. الآخر: أنه أراد بسعي الدهر سعي أهل الدهر بالنمائم والوشايات، فلمَّا انقضى ما كان بينهما من الوصل سكنوا وتركوا السعاية، وهذا من باب وضع المضاف إليه مكان المضاف، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ١ أي: أهل القرية.

ومن الدقيق المعني في هذا الباب قول أبي الطيب المتنبي في عضد الدولة من جملة قصيدته التي أولها:

أوه بديلٌ من قولتي واها٢

فقال:

لو فَطِنَتْ خيله لنائله ... لم يرضها أن تراه يرضاها٣

وهذا يستنبط منه معنيان غيران: أحدهما أن خيله لو علمت مقدار عطاياه النفيسة لما رضيت بأن تكون من جملة عطاياه؛ لأن عطاياه أنفس منها، والآخر: أن خيله لو علمت أنه يهبها من جملة عطاياه لما رضيت بذلك، إذ تكره خروجها عن ملكه، وهذان الوجهان أنا ذكرتهما, وإنما المذكور منهما أحدهما.

وهذا الذي أشرت إليه من الكلام على المعاني وتأويلاتها كافٍ لمن عنده ذوق, وله قوة على حملها على أشباهها ونظائرها.


١ سورة يوسف: آية ٨٢.
٢ ديوان المتنبي ٤/ ٢٦٩ وعجز البيت:
لمن نأت والبديل ذكراها
٣ ديوان المتنبي ٤/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>