للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق، أو عند الوصول إلى البلد، فإن كان في الطريق فإنه أشق من الصوم بمكة؛ لأن الصوم في السفر أشق من الصوم في الحضر، فكيف يجعل صوم سبعة أيام في السفر في مقابلة صوم ثلاثة أيام بمكة? وإن كان الصوم عند الوصول إلى البلد فلا فرق بين الصوم بمكة والصوم عند الوصول إلى البلد؛ لأن كليهما صوم في المقام ببلد من البلاد, لا تفاوت بينهما حتى يجعل صوم ثلاثة أيام في مقابلة سبعة أيام, على غير مثال ولا تساو.

فعلى كلا التقديرين لا يجوز أن تكون الواو في {سَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} بمعنى "أو"، فتحقق أنها إذا للعطف خاصة.

وإذا كانت للعطف خاصة فتأكيدها بعشرة كاملة دليل على أن المراد وجوب صوم الأيام السبعة في الطريق قبل الوصول إلى البلد.

فإن قلت: إن الصوم بمكة أشق من الصوم في الطريق؛ لأن الواجب عليه الصوم بمكة في نصب وتعب بتصريف زمانه في السعي والطواف والصلاة والعمرة وغير ذلك. قلت في الجواب: هذا لا يلزم، إذ الواجب عليه سعي واحد، وطواف واحد، وما عدا ذلك نافلة لا يلزم، ونحن في هذا المقام ناظرون إلى ما يجب لا إلى النافلة، والذي يجب أداؤه بمكة يفرغ منه في ساعة واحدة، فكيف تجعل الزيادة على ذلك دليلا يورد في هذا المقام? هذا غير وارد, وهذا ورد في قوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} ١ فقوله: {غَيْرُ يَسِيرٍ} بعد قوله: {عَسِيرٌ} من هذا النوع المشار إليه، وإلا فقد علم أن العسير لا يكون يسيرا، وإنما ذكرها ههنا على هذا الوجه لتعظيم


١ المدثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>