للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شأن ذلك اليوم في عسره وشدته على الكافرين.

وكذلك ورد قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} ١ فإن البغضاء والعداوة بمعنى واحد، وإنما حسن إيرادهما معا في معرض واحد, لتأكيد البراءة بين إبراهيم صلوات الله عليه والذين آمنوا به, وبين الكفار من قومهم، حيث لم يؤمنوا بالله وحده.

وللمبالغة في إظهار القطيعة والمصادفة ورد مثل ذلك في مثل هذا الموضع كالإيجاز في موضعه، ولن ترى شيئا يرد في القرآن الكريم من هذا القبيل إلا وهو لأمر اقتضاه، وإن خفي عنك موضع السر فيه, فاسأل عنه أهله العارفين.

ومما ورد منه شعرا قول بعضهم في أبيات الحماسة٢:

نزلت على آل المهلب شاتيا ... بعيدا عن الأوطان في زمن المحل

فما زال بي إكرامهم وافتقادهم ... وإحسانهم حتى حسبتهم أهلي

فإن الإكرام والافتقار داخلان تحت الإحسان، وإنما كرر ذلك للتنويه بذكر الصنيع، والإيجاب لحقه. وعلى هذا ورد قول الأعشى في قصيدته المشهورة التي يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال منها٣:


١ الممتحنة: ٤.
٢ هو بكير بن الأخنس كما في البيان والتبيين "٣/ ٢٣٣" على أن المقطوعة ليست منسوبة إلى أحد في شرحي الحماسة للتبريزي والمرزوقي ولا في عيون الأخبار "١/ ٣٤١" ولا في وفيات الأعيان في ترجمة المهلب بن أبي صفرة. وفي البيان والتبيين "فقيرا بعيد الدار" بدلا من "بعيدا عن الأوطان" والبيت الثاني في البيان.
فما زال بي إلطافهم وافتقادهم ... وإكرامهم حتى حسبتهم أهلي
وفي شرح الحماسة للمرزوقي "في زمن محل" بدلا من "في زمن المحل".
٣ البيت من قصيدته التي مطلعها:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السليم مسهدا
وفي الديوان "ولا في حفي" شرح الديوان ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>