للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتركته وإذا أذم من الورى ... راعاك واستثنى بني حمدان١

فإن الدهر وطوارق الحدثان سواء، وإنما جاز استعمال ذلك لأنه قافية.

وأما ما ورد في أثناء الأبيات الشعرية فكقول عنترة:

حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم٢

فقوله أقوى وأقفر من المعيب؛ لأنهما لفظان وردا بمعنى واحد لغير ضرورة، إذ الضرورة لا تكون إلا في القافية كما أريتك.

وأما ما ورد من صدور الأبيات فكقول البحتري:

ألمت وهل إلمامها بك نافع ... وزارت خيالا والعيون هواجع٣

فإن قوله: "ألمت" وقوله: "زارت خيالا" سواء, فلا فرق إذا بين صدر البيت وعجزه, فإن قيل: إنه أراد بالإلمام زيارة اليقظة، ثم قال: "وزارت خيالا" فالجواب عن ذلك أنه لم يرد إلا زيارة المنام في الحالتين؛ لأنه قال: "ألمت وهل


١ البيتان من قصيدته في مدح سيف الدولة عند انصرافه من بلد الروم سنة ٣٤٥، وأنشده إياها بآمد، ومطلعها:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني
"شرح ديوان المتنبي ٣/ ٣٩٥".
بحر هنا خبر لمبتدأ محذوف، أي: النهر الذي عبره سيف الدولة بحر. يذم لأهله: يجيرهم: الحدثان: نوائب الدهر. بنو حمدان: عشيرة سيف الدولة، أي: إن هذا النهر الذي عبره سيف الدولة بحر تعود أن يجير أصحابه من حوادث الدهر بأن يمنع العدو من العبور إليهم، لكن لما عبرته أنت تركته يجير أهله من كل أحد إلا من بني حمدان، يعني أن غيرك لا يقدر على عبوره.
٢ من معلقته التي مطلعها:
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم
٣ من قصيدته في مدح الفتح بن خاقان، "الديوان ٢/ ٧٦" وفي الديوان لك نافع.

<<  <  ج: ص:  >  >>