للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتاج أن يقول كهداب, فإن الهداب جمع هدب، ثم قال "المفتل", فدل بذلك على أن الدمقس يطلق على الإبريسم، سواء كان منسوجا أو غير منسوج، وكذلك الحرير أيضا، وعند الاستعمال يفهم المراد منه بالقرينة، ألا ترى أنه لما قال المنخل:

ترفل في الدمقس وفي الحرير

فهم من ذلك أنه أراد أثوابا من الدمقس ومن الحرير؛ لأن الرفول لا يكون في خيوط من الإبريسم، وإنما يكون في أثوابه.

ومما يجري على هذا المنهج قول الآخر من شعراء الحماسة١:

إني وإن كان ابن عمي غائبا ... لمقاذف من خلفيه وورائه

فإن خلفا ووراء بمعنى واحد، وإنما جاز تكرارهما؛ لأنهما قافية, وعلى هذا ورد قول أبي تمام:

دمن كأن البين أصبح طالبا ... دمنا لدى آثارنا وحقودا٢

فإن الدمنة هي الحقد. وكذلك قول أبي الطيب المتنبي:

بحر تعود أن يذم لأهله ... من دهره وطوارق الحدثان


١ هو الهذيل بن مشجعة البولاني. المعنى أنه يقاتل دونه إذا كان هو هاديا له، وقد تخلف عنه ابن عمه، ويقاتل وراءه إذا تقدمه ابن عمه، فقوله: "من ورائه" من البين الظاهر أنه بمعنى المقدام "شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٤/ ١٦٨٠".
٢ البيت من قصيدته في مدح خالد بن يزيد الشيباني ومطلعها:
طلل الجميع لقد عفوت حميدا ... وكفى على رزئي بذاك شهيدا
وفي الديوان "لدى آرامها" بدلا من "لدى آثارنا".
الدمن الأول جمع دمنة وهي آثار القوم في الديار، ثم يسمي المنزل دمنة؛ لأن الدمنة فيه. والدمن الثاني جمع دمنة، وهي الحقد وبقيته في القلب، وعنى بالآرام النساء شبهها بالظباء البيض، يقول إن الفراق طلب عند ظباء هذه الدمن آثارا "ديوان أبي تمام ٢/ ٤١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>