للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} وبين جوابه الذي هو {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} وفي نفس هذا الاعتراض اعتراض آخر بين الموصوف الذي هو قسم وبين صفته التي هي عظيم, وهو قوله: {تَعْلَمُونَ} فذانك اعتراضان كما ترى.

وفائدة هذا الاعتراض بين القسم وجوابه إنما هي تعظيم شأن المقسم به في نفس السامع، ألا ترى إلى قوله: {لَوْ تَعْلَمُونَ} اعتراضا بين الصفة والموصوف, وذلك الأمر بحيث لو علم وفي حقه من التعظيم.

وهذا مثل قولنا: إن هذا الأمر لعظيم, بحيث لو تعلم يا فلان عظمه لقدرته حق قدره، فإن ذلك يكبره في نفس المخاطب, ويظل متطلعا إلى معرفة عظمه. وكذلك ورد قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} ١.

وتقديره: ويجعلون لله البنات ولهم ما يشتهون، فاعترض بين المفعولين بسبحانه، وهو مصدر يدل على التنزيه، فكأنه قال: ويجعلون لله البنات وهو منزه عن ذلك، ولهم ما يشتهون، وفائدة هذا ههنا ظاهرة.

وكذلك ورد قوله تعالى في سورة يوسف عليه السلام: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ، قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} ٢ فقوله: {لَقَدْ عَلِمْتُمْ} اعتراض بين القسم وجوابه، وفائدته تقرير إثبات البراءة من الفساد والنزاهة من تهمة السرقة، أي: إنكم قد علمتم هذا منا، ونحن مع علمكم به نقسم بالله على صدقه.

وقد ورد الاعتراض في القرآن كثيرا، وذلك في كل موضع يتعلق بنوع من خصوصية المبالغة في المعنى المقصود.

ومن هذا القسم قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ


١ النحل: ٥٧.
٢ يوسف: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>