للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام

فإن هبوا فذاك بقاء ملك ... وإن رقدوا فإني لا أنام١

فالبيت الأول لوروده بمفرده كان كناية؛ لأنه يجوز حمله على جانب الحقيقة وحمله على جانب المجاز أما الحقيقة فإنه أخبر أنه رأى وميض جمر في خلل الرماد، وأنه سيضطرم, وأما المجاز فإنه أراد أن هناك ابتداء شر كامن, ومثله بوميض جمر من خلل الرماد، وإذا نظرنا إلى الأبيات في جملتها اختص البيت الأول منها بالاستعارة دون الكناية، وكثيرا ما يرد مثل ذلك ويشكل، لتجاذبه بين الكناية والاستعارة، على أنه لا يشكل إلا على غير العارف.

التعريض:

وأما التعريض: فهو اللفظ الدال على الشيء من طريق المفهوم بالوضع الحقيقي والمجازي، فإنك إذا قلت لمن تتوقع صلته ومعروفه بغير طلب: والله إني لمحتاج, وليس في يدي شيء، وأنا عريان والبرد قد آذاني، فإن هذا وأشباهه تعريض بالطلب، وليس هذا اللفظ موضوعا في مقابلة الطلب، لا حقيقة ولا مجازا، إنما دل عليه من طريق المفهوم، بخلاف دلالة اللمس على الجماع، وعليه ورد التعريض في


١ كان نصر بن سيار واليا على خراسان لهشام بن عبد الملك، وقد بعث إليه بهذه الأبيات يحذره فيها ذيوع السخط على بني أمية هناك, وانتشار الدعوة لبني العباس.
والأبيات في الأغاني ١٥/ ١١٦ ومروج الذهب ٢/ ٢٥٢ والعقد الفريد ١/ ٢٤٠. هكذا:
أرى خلل الرماد وميض نار ... ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها الكلام
فإن لم تطفئوها تجن حربا ... مشمرة بشيب لها الغلام
أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام؟
فإن يك قومنا أضحوا نياما ... فقل قوموا فقد حان القيام
ففري من رحالك ثم قولي ... على الإسلام والعرب السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>