للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وفارقته إذ أعوزتك المآكل

وما اخترت رأي الشافعي تدينا ... ولكنما تهوى الذي منه حاصل

وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فافطن لما أنا قائل

ومالك هو مالك بن أنس صاحب المذهب رضي الله عنه، ومالك هو خازن النار وهذه مغالطة لطيفة.

ومن أحسن ما سمعته في هذا الباب قول أبي العلاء بن سليمان في الإبل١:

صلب العصا بالضرب قد دماها ... تود أن الله قد أفناها

إذا أرادت رشدا أغواها ... محاله من رقه إياها٢

فالضرب: لفظ مشترك، يطلق على الضرب بالعصا، وعلى الضرب في الأرض، وهو السير فيها، وكذلك دماها فإنه لفظ مشترك يطلق على شيئين: أحدهما يقال دماه، إذا أسال دمه، ودماه إذا جعله كالدمية وهي الصورة، وكذلك لفظ الفناء فإنه يطلق على عنب الثعلب، وعلى إذهاب الشيء إذا لم يبق منه بقية، يقال: أفناه إذا أذهبه، وأفناه إذا أطعمه الفنا، وهو عنب الثعلب، والرشد والغوى


١ يريد الشاعر الفيلسوف أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري المولود بالمعرة سنة ٣٦٣هـ والمتوفى بها سنة ٤٤٩هـ.
٢ ليس البيتان بسقط الزند ولا باللزوميات وقد جاء بلسان العرب مادة "دمي": دمي الراعي الماشية جعلها كالدمي، وأنشد أبو العلاء:
صلب العصا برعية دماها ... يود أن الله قد أفناها
أي: إنه أرعاها فسمنت حتى صارت كالدمى.
وذكر في مادة "فتى" أن الراجز وصف راعي غنم فقال:
صلب العصا بالضرب قد دماها ... يقول ليث الله قد أفناها
وأفناها أي: أنبت لها الفنا وهو عنب الذئب حتى تغزر وتسمن.
وجاء في كتاب العصا لأسامة بن منقذ "نوادر المخطوطات ١٨٨". "قال الراعي يصف راعيا:
صلب العصا بضربة دماها ... إذا أراد رشدا أغواها
والضربة هي السيرة والسفرة، ودماها أي: تركها كالدمية، وأغواها أي: أرعاها. الغواء وهو نبت تسمن عليه الإبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>