للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحشاه عادية بغير قوائم ... عقم البطون حوالك الألوان

تأتي بما سبت الخيول كأنها ... تحت الحسان مرابض الغزلان١

وهذا حسن في بابه.

ومن ذلك قول بعضهم في حجر المحك:

ومدرع من صبغة الليل برده ... يفوف طورا بالنضار ويطلس

إذا سألوه عن عويصين أشكلا ... أجاب بما أعيا الورى وهو أخرس

وهذا من اللطافة على ما يشهد لنفسه، وكان سمعه بعض المتأخرين من أهل زماننا، فأجاب عنه ببيتين على وزنه وقافيته وهما:

سؤالك جلمود من الصخر أسود ... خفيف لطيف ناعم الجسم أطلس

أقيم بسوق الصرف حكما كأنه ... من الزنج قاض بالخلوق مطلس

وقد رأيت هذا الشاعر، وهو حائك بجزيرة ابن عمر، وليس عنده من أسباب الأدب شيء سوى أنه قد أصلح لسانه بطرف يسير من علم النحو لا غير, وهو مع ذلك يقول الشعر طبعا، وكان يجيد في الكثير منه.

ومن الألغاز ما يرد على حكم المسائل الفقهية، كالذي أورده الحريري في مقاماته٢، وكنت سئلت عن مسألة منه وهي:


١ من قصيدة في مدح سيف الدولة "الديوان ٤/ ٣٨٩" حشاه: الضمير عائد على الماء, عادية: راكضة. عقم: جمع عقيم وهو الذي لا يلد. يقول إن سيف الدولة حشا ماء النهر سفنا تعدو ولا قوائم لها، وهي عقم لا تلد، وألوانها سود؛ لأنها مطلية بالقار، شبهها بالخيل العادية، والخيل من عادتها أن تنتج، ولها قوائم، وهذه السفن تحمل النساء اللاتي سباهن الفرسان، وكأنهن غزلان والسفن مرابض لها. يفوف: يزخرف. رجحنا "صبغة" بدلا من صنعة.
٢ المقامة الثانية والثلاثون بها مائة مسألة فقهية ملغزة، وهناك مقامات غيرها فيها ألغاز شتى من النحو وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>