وأسكنه بعد العمر الطويل دارا لا يظمأ فيها ولا يضحى"، ثم أخذت بعد ذلك في إنشاء الكتاب المتضمن ما يقتضيه معاني ذلك الفتح.
ومن ذلك ما ذكرته في الهناء بمولود، وهو: "جدد الله مسرات المجلس السامي الفلاني ووصل صبوح هنائه بغبوقه، وأمتعه بسليله المبشر بطروقه، وأبقاه حتى يستضيء بنوره, ويرمي عن فوقه، وسر به أبكار المعاني حتى تخلق أعطافها بخلوقه، وجعله كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه"، ثم أخذت في إتمام الكتاب بالهناء بالمولود على حسب ما اقتضاه ذلك المعنى.
فتأمل ما أوردته ههنا من هذين المثالين، وانسج على منوالهما فيما تقصده من المعاني التي تبني عليها كتبك، فإن ذلك من دقائق هذه الصناعة.
وأما فواتح الكتب التي أنشأتها فمنها ما اخترعته اختراعا ولم أسبق إليه، وهي عدة كثيرة, وقد أوردت ههنا بعضها.
ومن ذلك مفتتح كتاب إلى ديوان الخلافة، وهو: "نشأت سحابة من سماء الديوان العزيز النبوي جعل الله الخلود لدولته أوطانا، والحدود لها أركانا، ونصب أيامها في أيام الدهر أعيانا، وصورها في وجهه عينا وفي عينه إنسانا، ومد ظلها على الناس عدلا وإحسانا، وجمع الأمم على دين طاعتها وإن تفرقوا أديانا، وآتاها من معجزات سلطانه ما لم يترك به لغيرها سلطانا، فارتاح الخادم لالتقائها، وبسط يده لاستسقائها، وقال رحمة مرسلة لا تخشى رعودها، ولا تخلف وعودها، ومن شأنها ترويض الصنائع التي تبقي آثارها، لا الخمائل التي تذوي أزهارها، وقد يعبر عن الكتاب ونائله بالسحاب ووابله، فإن صدر عن يد كيد الديوان العزيز فقد وقع التشبيه موقع الصواب، وصدق حينئذ قول القائل: إن البحر عنصر السحاب،