ابن أبي كبشة, أي: إنه قد خالفنا كما خالف أبو كبشة قومه في عبادة الشعرى، فأخذت أنا هذا المعنى وأودعته كتابي هذا فجاء كما تراه مبتدعا غريبا.
ومن جملة الكتب المشار إليها مفتتح كتاب كتبته إلى بعض الإخوان، وهو:"طلعت من الغرب شمس فقيل: قد آذنت أشراط الساعة بالاقتراب، ولم يعلم أن تلك الأنوار إنما هي أنوار الكتاب، لم تألف الأبصار من قبله أن تطلع لشمس من المغرب، وليس ذلك إلا كتاب المجلس لا سلبه الله مزية هذا الوصف الكريم، وأتاه من الفضل ما يقال معه وفوق كل ذي علم عليم، وأحيا النفوس من كلمها بروح كلمه كما شفى غليلها من أقلامه بسقيا الكليم، ولما ورد عن الخادم صار ليله نهارا، وأصبح الناس في الحديث به أطوارا، والمنصف منهم يقول: قد جرت الشمس إلى مستقرها, والشمس لا تجد قرارا". وهذا الكتاب في الحسن والغرابة كالذي قبله.
ومن جملة الكتب المشار إليها مفتتح كتاب كتبته إلى الإخوان، وهو:"تأوب زور من جانب المجلس السامي أدنى الله داره، وجعل كلماته التامة جاره، وأشهد أفعال التقوى ليله وأفعال المكارم نهاره، ووهبه من أعمار العمر طواله, ومن أعمار العيش قصاره، ولا أقدر السابقين إلى المعالي أن يجروا معه, ولا أن يشقوا غباره، وليس ذلك الزور إلا سطورا في قرطاس, ولا فرق بين الكتاب وبين مرسله في ملاطفة الإيناس، والله لا يصغر ممشى هذا الزائر، ويقر عيني برؤيته حتى لا أزال به قرير الناظر، ومع هذا فإني عاتب لتأخره, وههنا مظنة العتاب، ومن تأخر عنه كتاب صديقه فلا بد أن يخطر له خاطر الارتياب، والظنين بالمودة لا يرى إلا ظنينا، وقد قيل إنها وديعة وقليلا ما نجد على الودائع أمينا". وهذا فصل من أول الكتاب.