للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر إلى هذين التخلصين البديعين، فالأول خرج به إلى مدح قوم الممدوح، والثاني خرج به إلى نفس الممدوح، وكلاهما قد أغرب فيه كل الإغراب.

وعلى هذا جاء قوله:

إذا صلت لم أترك مصالا لصائل ... وإن قلت لم أترك مقالا لعالم

وإلا فخانتني القوافي وعاقني ... عن ابن عبيد الله ضعف العزائم١

والشعراء متفاوتون في هذا الباب، وقد يقصر عنه الشاعر المفلق المشهور بالإجادة في إيراد الألفاظ واختيار المعاني، كالبحتري، فإن مكانه من الشعر لا يجهل، وشعره هو السهل الممتنع الذي تراه كالشمس قريبا ضوؤها بعيدا مكانها، وكالقناة لينا مسها خشنا سنانها، وهو على الحقيقة قينة الشعراء في الإطراب، وعنقاؤهم في الإغراب، ومع هذا فإنه لم يوفق في التخلص من الغزل إلى المديح بل اقتضبه اقتضابا.

ولقد حفظت شعره فلم أجد له من ذلك شيئا مرضيا إلا اليسير، كقوله

في قافية الباء من قصيدة:

وكفاني إذا الحوادث أظلمـ ... ـن شهابا بغرة ابن شهاب٢

وكقوله في قافية الدال من قصيدة:

قصدت لنجران العراق ركابنا ... يطلبن أرحبها محلة ماجد


١ من قصيدته في مدح أبي محمد الحسن بن عبيد الله بن طفج "الديوان ٤/ ٣٠٣" كان الأصل "مصالا لفاتك".
٢ من قصيدته في مدح أحمد بن إسماعيل بن شهاب التي مطلعها:
ما على الركب من وقوف الركاب ... في مغاني الصبا ورسم التصابي
الديوان ١/ ٧١".

<<  <  ج: ص:  >  >>