للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الكلام الآخذ بعضه برقاب بعض.

ألا ترى إلى الخروج إلى مدح الممدوح في هذه الأبيات كأنه أفرغ في قالب واحد، ثم إن أبا الطيب جمع بين مدح نفسه ومدح سيف الدولة ببيت واحد، هو من بدائعه المشهورة.

وكذلك قوله أيضا، وهو من أحسن ما أتى به من التخلصات، وهو في قصيدته التائية التي أولها:

سرب محاسنه حرمت ذواتها

فقال في أثنائها:

ومطالب فيها الهلاك أتيتها ... ثبت الجنان كأنني لم آتها

ومقانب بمقانب غادرتها ... أقوات وحش كن من أقواتها

أقبلتها غرر الجياد كأنما ... أيدي بني عمران في جبهاتها

الثابتين فروسة كجلودها ... في ظهرها والطعن في لباتها

فكأنها نتجت قياما تحتهم ... وكأنهم ولدوا على صهواتها

تلك النفوس الغالبات على العلا ... والمجد يغلبها على شهواتها

سقيت منابتها التي سقت الورى ... بيدي أبي أيوب خير نباتها١


١ من قصيدته في مدح أبي أيوب أحمد بن عمران "الديوان ١/ ٢٥٥".
مقانب: جمع مقنب وهو الطائفة من الخيل تجتمع للغارة. أقوات: مفعول ثان لغادرتها بقول رب جيش من الفرسان لقيته بمثله من صحبي فتركته قوتا للوحوش التي كانت قوتا له يصيدها ويذبحها ويأكلها.
أقبلتها غرر الجياد: جعلتها تقبل غرر جيادها التي أوصلتها إلى أعدائها وشفت صدورها منهم، كأن هذه الغرر أيدي بني عمران. نتجت: ولدت. صهواتها: جمع صهوة وهي مقعد لفارس على الحصان.

<<  <  ج: ص:  >  >>