للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماضية إلى عهد موسى عليه السلام، فلما أراد ذكر نبينا صلوات الله عليه وسلامه ذكره بتخلص انتظم به بعض الكلام ببعض.

ألا ترى أنه قال: قال موسى عليه السلام: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ} فأجيب بقوله تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ} من حالهم كذا وكذا، ومن صفتهم كيت وكيت، وهم الذين {يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} ثم وصفه صلوات الله عليه بصفاته إلى آخر الكلام.

ويالله العجب كيف يزعم الغانمي أن القرآن خال من التخلص? ألم يكفه سورة يوسف عليه السلام, فإنها قصة برأسها، وهي مضمنة شرح حاله مع إخوته من أول أمره إلى آخره، وفيها عدة تخلصات في الخروج من معنى إلى معنى، وكذلك إلى آخرها.

ولو أخذت في ذكر ما في القرآن الكريم من هذا النوع لأطلت، ومن أنعم نظره فيه وجد من ذلك أشياء كثيرة١.

وقد جاءني من التخلصات في الكلام المنثور أشياء كثيرة، وسأذكر ههنا نبذة يسيرة منها. فمن ذلك ما أوردته في كتاب إلى بعض الإخوان أصف فيه الربيع، ثم خرجت من ذلك إلى ذكر الأشواق، فقلت: "وكما أن هذه


١ أورد الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن ١/ ٤٣-٥٥ دعوى الغانمي التي ذكرها ابن الأثير, وذكر أمثلة من التخلص في القرآن الكريم، بعضها ذكره ابن الأثير، ونرجح أن الزركشي نقل من ابن الأثير؛ لأن الزركشي توفي سنة ٧٩٤ وابن الأثير توفي سنة ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>