للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما أستظرف من هذا النوع في الشعر قول "ابن الزمكرم"١ الموصلي وهو:

وليل كوجه البرقعيدي مظلم ... وبرد أغانيه وطول قرونه

سريت ونومي فيه نوم مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه

على أولق فيه التفات كأنه ... أبو جابر في خبطه وجنونه٢

إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... سنا وجه قرواش وضوء جبينه٣

وهذه الأبيات لها حكاية، وذاك أن هذا الممدوح، وهو شرف الدولة قرواش ملك العرب، وكان صاحب الموصل، فاتفق أنه كان جالسا مع ندمائه في ليلة من ليالي الشتاء، وفي جملتهم هؤلاء الذين هجاهم الشاعر، وكان البرقعيدي مغنيا،


١ ذكر ياقوت هذه الأبيات غير منسوبة إلى قائلها "مادة برقعيد".
ورجعنا إلى كثير من كتب الأدب، لعلنا نهتدي إلى تصويب اسم القائل "ابن الزمكرم" كما ذكره المؤلف، فلم نعثر على ضالتنا، ثم رجعنا إلى الكامل في التاريخ لابن الأثير، وتعقبنا كل ما ذكر عن قرواش الذي جاء ذكره في الأبيات، فوجدناه يذكر أن الشاعر اسمه ابن الزمكرم "الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٠٨" أما فوات الوفيات لابن شاكر ٢/ ٢٦٥ فهو يذكر الأبيات منسوبة للطاهر الجزري.
٢ أولق: الولقي: الناقة السريعة، والأولق: الجنون وشبهه، ولعله ذكر "الأولق" مريدا به التذكير ليدل به على الجمل السريع، وإن كانت اللغة لا تطاوعه في هذا.
٣ البرقعيدي: منسوب إلى برقعيد، بلد من أعمال الموصل، منه بنو حمدان التغلبيون سيف الدولة وأهله. والأبيات في هجاء سليمان بن فهد الموصلي ومدح قرواش ابن المقلد أمير بني عقيل، مع تغيير يسير "معجم البلدان مادة برقعيد".
والأبيات في الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٠٨ كما هي، عدا ظلمة بدلا من مظلم. وهي كما قال في قرواش وابن فهد والبرقعيدي وأبي جابر، وقد أجمع أهل البيان على أنها غاية في الجودة، لم يقل أحد خيرا منها في معناها.
وقد مات قرواش أو قتل سنة ٤٤٤ "فوات الوفيات ٢/ ٢٦٥".
أو سنة ٤٤٢ "البداية والنهاية ١٢/ ٦٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>