للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا تخلص كما تراه بارد، ليس عليه من مسحة الجمال شيء، وههنا يكون الاقتضاب أحسن من التخلص.

فينبغي لسالك هذه الطرق أن ينظر إلى ما يصوغه، فإن واتاه التخلص حسنا كما ينبغي وإلا فليدعه، ولا يستكرهه حتى يكون مثل هذا، كما فعل أبو الطيب ولهذا نظائر وأشباه، وقد استعمل ذلك في موضع آخر في قصيدته التي أولها:

أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا

فقال:

عل الأمير يرى ذلي فيشفع لي ... إلى التي تركتني في الهوى مثلا١

والإضراب عن مثل هذا التخلص خير من ذكره، وما ألقاه في هذه الهوه إلا أبو نواس فإنه قال:

سأشكو إلى الفضل بن يحيى بن خالد ... هواك لعل الفضل يجمع بيننا٢

على أن أبا نواس أخذ ذلك من قيس بن ذريح، لكنه أفسده ولم يأت به كما أتى به قيس، ولذلك حكاية، وهو أنه لما هام بلبنى في كل واد وجن بها رق له الناس ورحموه، فسعى له ابن أبي عتيق إلى أن طلقها من زوجها، وأعادها إلى قيس فزوجها إياه فقال عند ذلك:

جزى الرحمن أفضل ما يجازي ... على الإحسان خيرا من صديق

فقد جربت إخواني جميعا ... فما ألفيت كابن أبي عتيق

سعى في جمع شملي بعد صدع ... ورأي حدت فيه عن طريقي

وأطفا لوعة كانت بقلبي ... أغصتني حرارتها بريقي٣


١ "الديوان ٣/ ٣٥٢" في مدح سعيد بن عبد الله بن الحسن الكلابي المنبجي.
٢ الديوان ٤٧٤.
٣ الأغاني ٨/ ١٢٩ كان في الأصل "وقد جربت" و"رأى حرت".

<<  <  ج: ص:  >  >>