للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة ... ومن إساءة أهل السوء إحسانا١

فقابل الظلم بالمغفرة، وليس ضدا لها، وإنما هو ضد العدل، إلا أنه لما كانت المغفرة قريبة من العدل حسنت المقابلة بينهما وبين الظلم, وعلى هذا جاء قوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ٢ فإن الرحمة ليست ضد الشدة، وإنما ضد الشدة اللين، إلا أنه لما كانت الرحمة من مسببات اللين حسنت المقابلة بينها وبين الشدة.

وكذلك ورد قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} ٣. فإن المصيبة سيئة؛ لأن كل مصيبة سيئة، وليس كل سيئة مصيبة، فالتقابل ههنا من جهة العام والخاص.

النوع الثاني: ما كان بين المقابل والمقابل به بعد، وذاك مما لا يحسن استعماله، كقول أم النحيف، وهو سعد بن قرط، وقد تزوج امرأة كانت نهته عنها، فقالت من أبيات تذمها فيها:

تربص بها الأيام عل صروفها ... سترمي بها في جاحم متسعر

فكم من كريم قد مناه إلهه ... بمذمومة الأخلاق واسعة الحر٤


١ من أبيات في الحماسة، يقرع فيها قومه على تخليهم عن نصرته، أولها:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
"شرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٢٢ والتبريزي.
٢ الفتح ٢٩.
٣ التوبة ٥٠.
٤ في الأصل أم المحنف، وابن قرظ، لكن الذي في شرح الحماسة للتبريزي ٤/ ٣٥٢ وفي شرحها للمرزوقي ٤/ ١٨٦٢ هو ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>