للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل لي لا لك، ألا ترى أنه لا فرق بين قوله تعالى: {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} وبين قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} إذ المعنى واحد لا يختلف، ولو جاء عوضا عن السيئة لفظة أخرى في معناها كالأذى والسوء أو ما جرى مجراهما لصح لك ما ذهبت إليه.

وقد ذهب بعض المتصدرين في علم البيان أنه إذا ذكرت اللفظة في أول كلام يحتاج إلى تمام، وإن لم يكن جوابا كالذي تقدم، فينبغي أن تعاد بعينها في آخره، ومتى عدل عن ذلك كان معيبا، ثم مثل ذلك بقول أبي تمام وقول أبي الطيب المتنبي، فقال: إن أبا تمام أخطأ في قوله:

بسط الرجاء لنا برغم نوائب ... كثرت بهن مصارع الآمال١

فحيث ذكر الرجاء في صدر البيت فكان ينبغي أن يعيد ذكره أيضًا في عجزه، أو كان ذكر الآمال في صدر البيت وعجزه.

وكذلك أخطأ أبو الطيب المتنبي في قوله:

إني لأعلم واللبيب خبير ... أن الحياة وإن حرصت غرور٢

فإنه قال:

إني لأعلم واللبيب خبير

وكان ينبغي أن يقول: إني لأعلم واللبيب عليم، ليكون ذلك تقابلا صحيحا.

وهذا الذي ذكره هذا الرجل ليس بشيء، بل المعتمد عليه في هذا الباب أنه


١ من قصيدة في مدح الحسن بن رجاء، مطلعها:
كفى وغاك فإنني لك قالي ... ليست هوادي عزمتي بتوالي
"الديوان ٣/ ٧٦".
٢ من رثائه لمحمد بن إسحاق التنوخي "الديوان ٢/ ٢٧٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>