للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمما جاء من التفريط قول الأعشى:

وما مزبد من خليج الفرا ... ت جون غواربه تلتطم

بأجود منه بماعونه ... إذا ما سماؤهم لم تغم١

فإنه مدح ملكا بالجود بماعونه، والماعون كل ما يستعار من قدوم أو قصعة أو قدر، أو ما أشبه ذلك، وليس للملوك في بذله مدح، ولا لأوساط الناس أيضا، وفي مدح السوقة به قولان، ومدح الملوك به عيب وذم فاحش، وهذا من أقبح التفريط.

ومما يجري هذا المجرى قول الفرزدق:

ألا ليتنا كنا بعيرين لا نرد ... على حاضر إلا نشل ونقذف

كلانا به عر يخاف قرافه ... على الناس مطلي المشاعر أخشف٢


١ من قصيدته في مدح قيس بن معد يكرب، التي مطلعها:
أتهجر غانية أم تلم ... أم الحبل واه بها منجذم
"الديوان ٣٥".
٢ من إحدى نقائضه "الديوان ٢/ ٥٥١" والبيتان في الديوان هكذا:
فيا ليتنا كنا بعيرين لا نرد ... على منهل إلا نشل ونقذف
كلانا به عمر يخاف قرافه ... على الناس مطلي المساعر أخشف
وكان بالأصل "قرانه" و"المشاعر".
المنهل: الماء. نشل: نطرد. العر بفتح العين: الجرب وبضمها قرح ليست بالجرب. القراف: المخالطة وداء يقتل البعير. المساعر: أصول الفخذين والإبطين؛ لأنها أول ما يشتد فيها الجرب. ويروى الأشاعر. الأخشف: الجلد اليابس من الجرب.
ولكثير عزة أمنية مثل هذه في قوله:
ألا ليتنا يا عز من غير ريبة ... بعيرات ترعى في الخلاء ونعزب
كلانا به عر فمن يرنا يقل ... على حسنها جرباء تعدى وأجرب
نكون لذي مال كثير مغفل ... فلا هو يرعانا ولا نحن نطلب
إذا ما وردنا منهلا صاح أهله ... علينا فلا ننفك نرمى ونضرب
"الموشح ١٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>