للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أراد أبو نواس هذا المعنى في قالب آخر فقال:

كدت منادمة الدماء سيوفه ... فلقلما تحتازها الأجفان

حتى الذي في الرحم لم يك صورة ... لفؤاده من خوفه خفقان١

وما يجيء في هذا الباب ما يجري هذا المجرى.

وقد استعمل أبو الطيب المتنبي هذا القسم في شعره كثيرا، فأحسن في مواضع منه، فمن ذلك قوله:

عجاجا تعثر العقبان فيه ... كأن الجو وعث أو خبار٢

ثم أعاد هذا المعنى في موضع آخر، فقال:

عقدت سنابكها عليها عثيرًا ... لو تبتغي عنقا عليه لأمكنا٣


١ من مدحة للرشيد، مطلعها:
حي الديار إذ الزمان زمان ... وإذ الشباك لنا حرى ومعان
"الديوان ٤٠٤".
الرحم: بكسر الراء وسكون الحاء، وبكسرهما معا مقر الجنين في بطن أمه. الشباك: جمع شبكة. حري: خليق بنا. معان: عون. يريد أن شباك الهوى فيما مضى كانت تصيب.
٢ من مدحة لسيف الدولة مطلعها:
طوال قنا قطاعتها قصار ... وقطرك في ندى ووغى بحار
"الديوان ٢٤٣".
عجاجا: منصوبة على التبعية لما قبلها في بيت سابق. والعجاج: الغبار.
العقبان: جمع عقاب وهو طير جارج. الوعث: المكان السهل اللين الذي تغوص فيه الأقدام. الخبار: ما لان من الأرض واسترخى. يريد أن العقبان التي تسير فوق الجيش تعثر في ذلك الغبار الكثيف، فكأن الجو أرض لينة تغوص فيها أرجلها.
٣ من قصيدة في مدح بدر بن عمار "الديوان ٤/ ٤٢٥" السنابك: جمع سنبك وهو طرف مقدم الحافر. العثير: الغبار. العنق: سير شديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>