للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه ما تساويا فيه لفظا بلفظ كقول الفرزدق:

وغر قد نسقت مشمرات ... طوالع لا تطيق لها جوابا

بكل ثنية وبكل ثغر ... غرائبهن تنتسب انتسابا

بلغن الشمس حين تكون شرقا ... ومسقط رأسها من حيث غابا١

وكذلك قال جرير من غير أن يزيد.

وقد حكي أن امرأة من عقيل يقال لها "ليلى" كان يتحدث إليها الشباب، فدخل الفرزدق إليها، وجعل يحادثها، وأقبل فتى من قومها كانت تألفه، فدخل إليها، فأقبلت عليه وتركت الفرزدق, فغاظه ذلك، فقال للفتى: أتصارعني? فقال: ذلك إليك، فقام إليه، فلم يلبث أن أخذ الفرزدق فصرعه، وجلس على صدره، فضرط، فوثب الفتى عنه، وقال: يا أبا فراس، هذا مقام العائذ بك والله ما أردت ما جرى، فقال: ويحك والله ما بي أنك صرعتني، ولكن كأني بابن الأتان، يعني جريرا وقد بلغه خبري فقال يهجوني:

جلست إلى ليلى لتحظى بقربها ... فخانك دبر لا يزال يخون

فلو كنت ذا حزم شددت وكاءه ... كما شد جربان الدلاص قيون

قال: فوالله ما مضى إلا أيام حتى بلغ جريرا الخبر، فقال فيه هذين البيتين٢، وهذا من أغرب ما يكون في مثل هذا الموضع وأعجبه.


١ "الديوان ١/ ١٢٣" من هجائه لجرير. والبيت الأول في الديوان هكذا:
وغر قد نسقت مشهرات ... طوالع لا تطيق لها جوابا
وفيه "غواربهن". وفي الأصل "وسقت".
٢ ليس البيتان في ديوان جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>