للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره:

ولقد سرني صدودك عني ... في طلابيك وامتناعك مني

حذرًا أن أكون مفتاح غيري ... وإذا ما خلوت كنت التمني١

أما ابن جعفر فإنه تذاءب٢ وألقى عن منكبه رداء الغيرة، وأما الآخر فجاء بالضد من ذلك وتغالى به غاية الغلو.

وكذلك ورد قول أبي الشيص:

أجد الملامة في هواك لذيذة ... شغفا بذكرك فليلمني اللوم٣

أخذ أبو الطيب المتنبي هذا المعنى وعكسه فقال:

أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه٤

وهذا من السرقات الخفية جدا، ولأن يسمى ابتداعا أولى من أن يسمى سرقة, وقد توخيته في شيء من شعري فجاء حسنا، فمن ذلك قولي:


١ ورد في الأغاني ١٩/ ١٤٢ نسبة البيتين إلى ابن جعفر أيضا. وذلك أن المتوكل سأله عن تدينه في البيتين الأولين فقال له ابن جعفر: جعلت فداك، اسمع بيتين قلتهما في الغيرة، وأنشده البيتين.
٢ تذاءب وتذأب: استخفى وتحايل، من تذاءب للناقة إذا استخفى لها متشبها بالذئب ليعطفها على غير ولدها.
٣ في الأغاني أن علي بن عبد الله أنشد لنفسه أبياتا، منها هذا البيت "الأغاني ١٩/ ١٤٢" وفي العقد الفريد ٥/ ٣٧٤ نسبتها إلى أبي الشيص، وكذلك في شرح المرزوقي للحماسة ٣/ ٣٧٣، أما الشاعر فاسمه محمد بن عبد الله بن رزين، وهو ابن عم دهبل الشاعر وكان في زمن الرشيد معاصرا لأبي نواس، والشيص معناه في الأصل التمر الرديء. والأبيات هي:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ كان حظى منك حظى منهم
وأهنتني فأهنت نفسي صاغرا ... ما من يهون عليك ممن يكرم
٤ من أبيات أجازها باقتراح سيف الدولة "الديوان ١/ ١".

<<  <  ج: ص:  >  >>