للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطاء غيرك شين، وأما أبو تمام فإنه أتى بالمعنى الأول لا غير.

ومن هذا الضرب قول علي بن جبلة:

وآثل ما لم يحوه متقدم ... وإن نال منه آخر فهو تابع

فقال أبو الطيب المتنبي:

ترفع عن عون المكارم قدره ... فما يفعل الفعلات إلا عذاريا١

فعلي بن جبلة اشتمل ما قاله على معنيين: أحدهما أنه فعل ما لم يفعله أحد ممن تقدمه، وإن نال منه الآخر شيئا فإنما هو مقتد به، وتابع له، وأما أبو الطيب المتنبي فإنه لم يأت إلا بالمعنى الواحد، وهو أنه يفعل ما لا يفعله غيره، غير أنه أبرزه في صورة حسنة.

ومن ذلك قول أبي تمام:

كلف برب المجد يعلم أنه ... لم يبتدأ عرف إذا لم يتمم٢

فقال البحتري:

ومثلك إن أبدى الفعال أعاده ... وإن صنع المعروف زاد وتمما٣

فأبو تمام قال: إن الممدوح يرب صنيعه أي: يستديمه، ويعلم أنه إذا لم


١ من قصيدته في مدح كافور التي مطلعها:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا
"الديوان ٤/ ٥٢٨" العون: جمع عوان وهي التي فوق البكر دون الفارض. العذارى: جمع عذراء وهي البكر، أي: إنه أجل قدرا من أن يفعل في المكرمات فعلا قد سبقه إليه أحد، وإنما يأتي بها ابتداعا.
٢ من مدحة لابن شبانه ٢/ ٢٤٨.
٣ من قصيدته في مدح الفتح بن خاقان التي مطلعها:
يهون عليها أن أبيت متيما ... أعالج شوقا في الضمير مكتما
"الديوان٢/ ٢٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>