للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستقصيتها جميعها.

ولو سلمت إلى البحتري ما زعم من أن جريرا ليس له في هجاء الفرزدق إلا تلك المعاني الأربع لاعترضت عليه بأنه قد أقر لجرير بالفضيلة.

وذاك أن الشاعر المفلق أو الكاتب البليغ هو الذي إذا أخذ معنى واحدا تصرف فيه بوجوه التصرفات، وأخرجه في ضروب الأساليب، وكذلك فعل جرير، فإنه أبرز من هجاء الفرزدق بالقين كل غريبة، وتصرف فيه تصرفا مختلف الأنحاء، فمن ذلك قوله:

ألهى أباك عن المكارم والعلا ... لي الكتائف وارتفاع المرجل١

وقوله:

وجد الكتيف ذخيرة في قبره ... والكلبتان جمعن والمئشار

يبكي صداه إذا تصدع مرجل ... أو إن تفلق برمة أعشار

قال الفرزدق رقعي أكيارنا ... قالت وكيف ترقع الأكيار٢

وقوله:

إذا آباؤنا وأبوك عدوا ... أبان المقرفات من العراب


١ من هجائه للفرزدق "الديوان ٤٤٧" ارتفاع المرجل: إصلاحه، لي الكتائف: إصلاح الضباب لأن الكتيفة الضبة، أو الكتيفة كلبتا الحداد يعيره في الحالين بالحدادة.
٢ من قصيدته في رثاء زوجته "الديوان ٢٠٢" بالأصل "الكنيف. والمنشار" وبالديوان "تثلم برمة" الكتيف: الضبة وكلبتا الحداد. المنشار: هو المنشار. تغلق برمة أعشار: تتكسر قدر أجزاء عشرة. الأكيار: جمع كير.

<<  <  ج: ص:  >  >>