والحديث أخرجه: أبو داود في كتاب الزكاة، باب: الرجل يخرج من ماله "حديث رقم: ١٦٧٨". والترمذي "تحفة" "١٠/ ١٦١"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد "٣/ ١١٢"، والدارمي في الزكاة، باب: الرجل يتصدق بجميع ما عنده "١/ ٣٩١"، والحاكم في "مستدركه" "١/ ٤١٤"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضا أبو يعلى "٥/ ٢٨٩, ٢٩٠". كلهم من طريق هشام بن سعد. والحديث أشار إليه البخاري في "صحيحه" في كتاب الزكاة، باب "١٨": لا صدقة إلا عن ظهر غنى "فتح" "١٣/ ٢٩٤" فقال: " ... إلا أن يكون معروفا بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، كفعل أبي بكر -رضي الله عنه- حين تصدق بماله". وقال الحافظ في "الفتح" قوله: "كفعل أبي بكر حين تصدق بماله"، هذا مشهور في السير، ثم ذكر الحديث وقال عقبه: الحديث تفرد به هِشَامُ بْنُ سَعْدِ عنْ زيد، وهشام صدوق فيه مقال من جهة حفظه. ا. هـ. أما بالنسبة لفقه المسألة فيتوارد لنا هنا أمران: الأمر الأول: جواز التصدق بالمال كله، وأدلة القائلين بهذا الرأي منها: ١- هذا الحديث الذي بين أيدينا. ٢- وقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري, وغيره: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ... " "فتح "٣/ ٢٧٦". ٣- قول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} . ٤- حديث أبي هريرة في "صحيح البخاري" كتاب التفسير, تفسير قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} "فتح" "٨/ ٦٣١"، وفيه: "أتى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أصابني الجهد. فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: "ألا رجل يضيفه الليلة يرحمه الله؟ " فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أنا يا رسول الله. فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم؛ ألا تدخرين شيئا؟ فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم, وتعالي فأطفئي السراج, ونطوي بطوننا الليلة. ففعلت، ثم غدا الرجل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلم- فقال: "لقد عجب الله -عز وجل- أو ضحك من فلان وفلانة" =