هذا ويجب أن تتسم كتابتنا في هذا الموضوع بالإبداع والتجديد وخصوصا في مناهج التفكير التي اتسمت في العصور المتأخرة بالجمود والتقليد والتعصب إلا من النزر اليسير من العلماء الأفذاذ المبدعين الذين كانوا في أوقات متفاوتة من هذه العصور كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ابن القيم والمزي والذهبي وابن كثير ثم تلاهم الحافظ ابن حجر ثم خلت الساحة حتى جاء شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ورحم هؤلاء الأئمة جميعًا.
وعلوم الحديث من العلوم التي قد نضجت كثيرا والإضافات تكون فيها قليلة جدا إلا ممن يسلك مسلك التجديد والإبداع والدقة في الاستنباط ولا أنسى هنا أن أنوه بما كتبه الحافظان الجليلان الإمام ابن القيم، والحافظ ابن رجب في كتابيهما ((المنار المنيف وشرح علل الترمذي)). إذ أضافا في هذين الكتابين إضافة قيمة وجددا نوعا ما في طريقة تنازل علوم الحديث ولم يكونا ناقلين مقلدين لمن سبقهما بل كانا ناقدين مبدعين كما يبرز أيضا من المعاصرين الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني – رحمه الله – في كتابه ((التنكيل)) وخاصة ما سطره في طليعته.
هذا وقد كنت أريد أن يكون جزءًا من مقدمة بحثي هذا عن مناهج المحدثين في نقد المتون ولكن لم يتيسر لي جمع المادة الكافية في الموضوع، وأهم من ذلك أن هذا الموضوع أوسع من أن يكتب فيه فصلاً من مقدمة، ولعل الله أن يعينني على تحقيق طموحي في المستقبل القريب إن شاء الله.
وسأقتصر في هذه المقدمة على دراسة المدرج وأنواعه لأنه موضوع الكتاب الذي أقدم له، ثم دراسة عن الكتاب نفسه.