وفي حديث رقم (١٠٠) حديث البراء وابن أبي أوفى أنهم أصابوا حمرا يوم خيبر … قال أبو الحسن الدارقطني: " لم يصنع أبو محمد - يعني ابن صاعد - رحمه الله شيئا لأن الهجري لا يحدث عن البراء ".
قال الخطيب:" لعمري أن أبا إسحاق الهجري لا يحدث عن البراء، ولكنه يحدث عن ابن أبي أوفى. وأبو إسحاق المذكور في حديث عفان هو السبيعي إلا أن عفان خلط في رواية هذا الحديث عن شعبة .. " أ. هـ.
وهذا الجانب أعني تضلع الخطيب في معرفة الحديث، رجاله وعلله ومعرفة طرقه المعرفة التامة قد شهد له به فحول العلماء من معاصريه كابن ماكولا ومن بعده كابن الجوزي رغم عداءه له، ثم ابن نقطة والذهبي وابن حجر وغيرهم.
وقد اشتهر عن الخطيب أنه أول من فتق علوم الحديث وألف في كل نوع منها كتابا مستقلا، وما ذاك إلا عرف عنه من الإبداع والابتكار في كل مصنفاته - رحمه الله -، وقد رأينا فيما سقته من الأمثلة وهو غيض من فيض أن الخطيب لم يكن مجرد ناقل بل كان ينقد ويحلل ويستنبط رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن خدمته لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.