المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينة حالية تُفهم من سياق الكلام.
من ذلك قولك لمن يتردد في الأمر: ما لي أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، قد سبق أن ذكرناه، فقد شبهت صورة المتردد في الأمر بصورة تردد من قام ليذهب في أمر، فهو تارة يريد الذهاب، فيقدم رجلًا، وتارة لا يريد فيُحجم ويتأخر، ثم استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية التمثيلية، والاستعارة التمثيلية كثيرة الاستعمال في كلام العرب نثره وشعره، وفي القرآن الكريم، وفي الحديث النبوي الشريف، فمن ذلك قولهم للرجل مثلًا يبذل جهده في عمل لا يُثمر شيئًا: أراك تنفخ في رماد، وتضرب في حديد بارد، وتخط على الماء، مثلوا حاله بحال من ينفخ في الرماد، فلا يخرج نارًا، ومن يضرب في حديد بارد فلا يتشكل بالشكل الذي يريد، ومن يخط على الماء فلا يترك أثرًا.
ومنها قولهم للرجل يحتال على صاحبه حتى يصرفه عن الأمر الذي يتمسك به:"ما زال يفتل له في الذروة والغارب حتى لان" الذروة هو سنام الجمل، والغارب هو العنق، "وما زال ينزع القرادة من البعير حتى سكن" مثلوا حاله مع صاحبه بحال من يحتال على البعير الهائج بحك شعر سنامه، وما يليه إلى العنق؛ حتى يهدأ، وبحال من ظل ينزع القرادة من البعير حتى سكن.
ومنها قولهم لمن يُقدم النصح للذي لا يفهمه، أو للذي لا يعمل به: لا تنثر الدر أمام الخنازير، مثلوا حاله بحال من يضع الدر أمام الخنازير، بجامع أن كليهما لا ينتفع بالشيء النفيس الذي ألقي إليه، ومنها قول المتنبي يُمثل حال من عابوا شعره؛ لأنه لم يرزقوا الذوق السليم لفهم الشعر الرائع، والنظم العجيب الذي يقوله: