وادَّعى أن النشء داخل في جنس المشبه به وهو النبت، ثم استعار النبت للنشء، ثم اشتق منه نابتة بمعنى ناشئة على سبيل الاستعارة التبعية، والقرينة هي الضمير المستكن في ناشئة العائد على المخاطبين بالتأهيل والترحيب، ونوجز التحليل على هذا النحو التالي:
أولًا: نقول: أنه شبه النشء بالنبت بجامع الأمل المرتقب في كل منهما.
ثانيًا: تنوسي التشبيه وادعي أن النشء من أفراد النبت، ثم استعير النبت للنشء، ثم اشتق من النبت بمعنى النشء نابتة بمعنى ناشئة على سبيل الاستعارة التبعية، والقرينة ما عرفنا، ولا يخفى أن الاستعارة قد جرت أولًا في المصدر، ثم في اسم الفاعل تبعًا؛ ولذلك تُسمى تصريحية تبعية، هذا إذا كانت الاستعارة تصريحية، فإذا كانت مكنية كان الاستدعاء للطرف الثاني عن طريق خاصته الموحية به، وذلك مثلًا مثل قول ابن الرومي في بعض روائعه يقول:
حيتك عنا شمال طاف طائفها ... بجنة نفحت روحًا وريحانا
ففي هذه الصورة الفاتنة نرى ريح الرياح رسولًا ينهض بإبلاغ التحية إلى من يصطفيه، وبهذه الرؤية تم استدعاء الطرف الثاني وهو الرسول، وقد أعاننا على هذا الاستدعاء خصيصة التحية التي يتمنى الشاعر أن تنهض بها ريح الشمال.
وهنا يطلعنا خيال الشاعر على صنعته، وهو يصهر الطرفين بتناسي تشبيه الشمال بالرسول، وادعائه أنها من أفراده، ولا يقف عند هذا الحد، وإنما يسعى إلى إخفاء تلك الصنعة؛ فيحذف الطرف الثاني بعد استعارته للطرف الأول، لكنه إخفاء يتودَّد به إلى المتلقي، ويشوقه إلى التعرف على ما أخفاه، فيضع أمام عينيه أمارة دالة عليه، وهو خصيصة من خصائص المستعار المحذوف، ثم لا يدفع به