صاحبه في المهالك والمخاطر؛ فالجامع بين الحياة والهداية ما يترتب على كل من الفائدة والنفي.
ونذكر من الاستعارة الوفاقية ما جاء في قول الشاعر:
ولقد سموت بهمتي وسما بها ... طلب المكارم بالفعال الأفضل
لأنال مكرمة الحياة وربما ... عثر الزمان بذي الدهاء الأحول
فقد استعار الحياة لبقاء الذكر الطيب والأثر الحسن، وهما متوافقان.
أما الاستعارة العنادية: فهي ما لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد لتنافيهما، وهذا لا يقدح في جمال هذه الاستعارة كما سنبين، ومن العنادية التي لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد؛ لتنافيهما قول الله، {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}(الأنعام: ١٢٢) فقد استعير الموت للضلال بجامع ما يترتب على كل من عدم الانتفاع، ولا يمكن اجتماع الموت والضلال في شيء واحد.
ومن ذلك قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}(النمل: ٨٠) فقد استعير الموتى للكفرة الأحياء؛ لعدم انتفاعهم بصفة الحياة، فلم يعتدّ بها فيهم، ولا يمكن اجتماع الموتى والأحياء في شيء واحد.
ومن العنادية قول المتنبي:
فلم أر بدرًا ضاحكًا قبل وجهها ... ولم تر قبلي ميتًا يتكلم
قد استعار الميت لمن أسقمه الحب وأضناه العشق، ولا يمكن اجتماع المحب المتيم والميت في شيء واحد، فهما لأجل ذلك سميت بالاستعارة العنادية.
ونلاحظ في الأمثلة السابقة أن الاستعارة قد بُنيت على ترك الاعتداد بوجود الصفة في المشبه؛ لفقدان ثمرتها، إذ إن الغرض من الاستعارة إلحاق الناقص بالكامل في وجه الشبه، وهو متحقق على أكمل وجه في الأمثلة السابقة.