من أنواع القرائن أنها أحيانًا تكون مجتمعة من عدَّة معانٍ ملتئمة مرتبطة، لا يصلح واحدًا منها بانفراده أن يكون قرينة، خد مثلًا قول البحتري:
وصاعقة من نصله تنكفي بها ... على أرؤس الأقران خمس سحائب
فقد استعيرت السحائب لأصابع الممدوح بجامع الجود والعطاء في كلٍّ، والقرينة ما ذكره من وجود صاعقة ناشئة من نصل سيفه، تنقلب على رءوس أقرانه، وأن الذي يقلبها عدده خمسة هي أصابع يده، فهذه الأمور مجتمعة هي القرينة، ولا يكفي واحدًا منها ليكون قرينة مستقلة، كما تأتي القرينة في الاستعارة التبعية على وجوه:
أولها: أن يكون إسناد الفعل إلى الفاعل لا يتأتى على الحقيقة، وإنما على المجاز العقلي، أو الإسنادي كقولهم: نطقت الحال بكذا، فالنطق لا يتأتَّى من الحال، وكذا التكليم والإخبار في قولك: كلمتني عيناه، وأخبرتني أسارير وجه؛ إذ لا يتأتيان أي: التكليم والإخبار من العينين والأسارير، فدلَّ ذلك على استعارة النطق، والتكليم، والإخبار للدلالة الواضحة.
من وجوه التبعية ألا يتأتَّى إسناد الفعل إلى نائب الفاعل على الحقيقة كقوله تعالى:{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ}(البقرة: ٦١)، فالضرب بمعنى نصب الشيء، أو الصك بالطين لا يتأتَّى من الذلة؛ فدل ذلك على استعارة الضرب للإحاطة أو الملازمة.
أيضًا من وجوهها ألا يتأتى تعلق الفعل بمفعوله على الحقيقة كقول ابن المعتز:
جمع الحق لنا في إمام ... قتل البخل وأحيا السماحة
فقتل وأحيا لا يتأتَّى تعلقهما بالبخل أو السماح، وهذا دليل على استعارة القتل للإزالة والإحياء للإذاعة والنشر، استعارة القتل للإزالة، استعارة الإحياء للإذاعة والنشر، وكقول كعب بن زهير: