للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الآخر:

فإن ساءني أن نِلتني بمساءة ... لقد سرني أني خطرتُ ببالك

فالطباق في هذه الشواهد قد وقع بين فعلين.

الصورة الثالثة: أن يكون الطباق بين حرفين، كما في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت} (البقرة: ٢٨٦)، وقوله -عز وجل-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف} (البقرة: ٢٢٨)، وقوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (سبأ: ٢٤).

ومن التطابق في الحروف قول مجنون ليلى:

على أنني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه لا عليّ ولا ليَ

فالطباق في هذه الشواهد بين على واللام، وبين على وفي في آية سبأ؛ لأن في على معنى المضرة وفي اللام معنى المنفعة، وكذا في "في" معنى الاستفال، وفي على معنى الارتفاع، ومعلوم أن الحرف لا يظهر له معنى إلا مع غيره، فللحروف معانٍ متعددة قد تتضاد وقد تتداخل وقد تلتقي، والمرجع في ذلك هو الاستعمال؛ لأن الحروف لا تستقل بنفسها ولا تظهر معانيها إلا بالاستعمال.

الصورة الرابعة من صور الطباق: أن يكون بين اسم وفعل، كما في قول الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاه} (الأنعام: ١٢٢)، وقوله -عز وجل-: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} (البقرة: ٢٦٠).

ومنه قول طُفيل يصف فرسه:

بساهم الوجه لم تُقطع أباجله ... يُصان وهو ليوم الروع مبذول

هو هنا يصف فرسه بأن عروقه لا تُقطع ولا تتغير من كثرة الجري، ومن ذلك قول الآخر:

<<  <   >  >>