المأمور به، أو يكونَا منفيين كما في قوله تعالى:{لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا}(طه: ٧٤) فنفى عنه الموت كما قلنا؛ لأنه ليس بموت مريح ونفى عنه الحياة؛ لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة.
هذا كله يدخل في الحقيقة في طباق السلب؛ لأن المعاني المجتمعة متضادة، وهي في الوقت نفسه منفية، فسواء دخل النفي أحد الضدين أو دخلهما معًا فهو من طباق السلب، وقد سبق أن ذكرنا ترجيح رأي الجمهور الذي يرى أن طباق السلب شأنه شأن طباق الإيجاب، كما يكون بين الفعلين يكون بين الاسمين، حيث يُثبت الاسم مرةً ويُنفى مرةً أخرى، وقد يكون بين فعل واسم من مادة واحدة، إحداهما مثبتة والأخرى منفية كما رأينا في الشواهد.
على أننا فيما مضى أشرنا إلى صورة واحدة مما يُلحق بالطباق، وهي تلك التي افتقدت التضاد في المعنى.
وهناك فيما يُلحق بالتضاد صورتان أخريان:
الأولى: أن يُفتقد التضاد في اللفظ والمعنى جميعًا في الكلمات المذكورة، ولكن يكون هناك نوع تعلق بين إحداهما وما يُضاد الأخرى، فمن ذلك قوله تعالى:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم}(الفتح: ٢٩)، فالمذكور هنا الشدة والرحمة، وهما لا يتضادان لا لفظًا ولا معنًى، ولكن الرحمة تتعلق بما يُضاد الشدة، وهو اللين تعلقٌ سببي، فالرحمة مسببة عن اللين، واختيرت الرحمة على اللين؛ لأنها محببة إلى النفوس، والمرء يتعلق بها ويرجوها دائمًا، أما اللين فإنه يُوحي بالضعف والرخاوة، وهذا أمر مستكره في المسلم، ومن ذلك قوله تعالى:{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ}(التوبة: ٥٠) فالذي معنا هنا الحسنة والمصيبة، ومن الواضح أنهما لا