للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنا شبه السنان بأنياب الأغوال، فالمشبه به في البيت وهو أنياب الأغوال من المعاني الوهمية، التي لا دخل للحس في إدراكها، لكن الشاعر استغلها لتهويل شأن الأسنة التي يحملها، ويدافع بها عن نفسه، وإبرازها كذلك في صورة مرعبة مفزعة، البلاغيون ذكروا أو أدرجوا تحت هذا اللون قول الله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: ٦٥)، فرءوس الشياطين من المعاني الوهمية، وقد أبرزت قبح هذا الطلع وفظاعته، لكن في الحقيقة هذا كلام لا يليق بحال من الأحوال. فما جاء في القرآن الكريم لا يجوز لنا أن نسميه بحال من الأحوال أمور وهمية؛ فالآية الكريمة {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: ٦٥) اعتمدوا البيانيون فيها على بيان حالتها، وعلى ما تتخيله النفوس للشيطان من رأس قبيحة جدًّا، وبالغة في النفرة والكراهية، والشجرة كما نعلم شجرة غريبة لم توجد على أساس القانون الطبيعي؛ لوجود الشجر من تربة فيها حياة وماء، وإنما هي شجرة تخرج في أصل الجحيم، وهي شجرة شاذة وغريبة، فنسبتها هذه الرءوس الغريبة رءوس الشياطين طبعًا، هذا كلام يقوله البيانيون، لكن مؤدَّاه في النهاية إنكار مثل هذا في يوم القيامة؛ لأن هذا غيب.

وما ذكره القرآن الكريم عن جهنم، وما فيها من زقوم، وما فيها من طعام لأهل الجحيم شبهه بأن طلعها، طلع شجرة الزقوم كأنه رءوس الشياطين، كل هذا غيب لا نستطيع إدراكه بحال من الأحوال، ولو أن جعلنا المشبه به وهو رءوس الشياطين من الأمور المتوهمة التي لا حقيقة لها في الواقع؛ إذن فهذا يستلزم أن نجعل النار كذلك، فإذا كان رب العزة قد أخبر عن أن النار هكذا

<<  <   >  >>