حالها، وأن زقومها طلعه كأنه رءوس الشياطين. إذن فالأمر كما ذكر القرآن وكما جاء في كتاب الله -سبحانه وتعالى، طبعًا الزمخشري يربط بين هذه التشبيهات وبين تشبيهات مثل قوله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}(البقرة: ٢٧٥)، فيربط بين هذا وبين الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران إلى غير ذلك، ولا يرى بأسًا من أن تكون صورة المشبه به في الأمرين منتزعًا من معتقدات العرب من غير نظر إلى أن ذلك واقع، أو غير واقع، لكن أهل السنة يرون أن هذا مرفوض، ويقررون أن هذه الصورة مستمدة من الواقع، وأن القرآن في بناء تراكيبه وصوره لم يعول على خرافة من خرافات العرب؛ لأن في ميدان الحقائق الصادقة ما يفي بالأغراض، بل ويزيد المعنى عمقًا وتأثيرًا؛ فالشياطين تستهوي، وتخبط، وتمس إلى غير ذلك مما تشير إليه الآيات، والمهم عندنا أنهم يقولون: إن المراد بهذا التصوير، هو تصوير المرابي الذي يتخبطه الشيطان من المس حين يقوم يوم القيامة أنه يتخبط في قيامه؛ لأن الربا يربو في بطونهم حتى يتلفها، وفي هذا إهانة لهم، وتشهير بهم.
وهذا يعني: أن التشبيه لا يصف أحوالًا نفسية، وإنما يصف مشهدًا بمشهد، فهذا كله يدلنا على أن ما جاء في قوله تعالى:{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}(الصافات: ٦٥) يقاس على مثل هذا، وأن فيه تصوير لعذاب أهل النار، ومن أنهم يأكلون الزقوم الذي طلع شجرها، كما وصف ربنا في كتابه العزيز، هذا كلام يسوقه الدكتور محمد أبو موسى في كتابه (تصوير البيان) وأنا أرى ترجيح ما يراه، أو ما عليه أهل السنة والجماعة؛ حتى لا نخالف ما جاء في كلام الله سبحانه وتعالى.