نخلص من هذا: أن الجناس المحرف منظور فيه إلى ضبط الحروف في الطرفين، فتارةً تختلف حركة حرف في طرف مع حركة حرف مناظر في الطرف الآخر، مثل حمام وحمام، والصباح والصباح، وتارةً يكون الاختلاف ناشئًا عن حركة وسكون، وثالثة يكون الاختلاف بالتشديد والتخفيف، فيكون الحرف المشدد فيكون الحرف مخففًا في طرف، ومشددًا في طرف آخر.
ولا تنس أن حركة الأطراف لا اعتبار لها لخضوعها لعوامل الإعراب، فإن كان طرفَا الجناس ثلاثيين فالمعتبر حركة الحرفين الأولين دونما نظر لحركة الحرف الثالث، وهكذا فيما زاد على الثلاثة. والجناس الناقص -كما ألمحنا قبل ذلك- هو ما اجتمعت فيه ثلاثة شروط، هي: تجانس الحروف، واتفاق الضبط، واتفاق الترتيب، وتخلف فيه شرط واحد هو تساوي الحروف في العدد في الطرفين. وعلى هذا فالجناس الناقص: هو ما نقص أحدُ طرفيه عن الآخر في عدد الحروف. ولهذا النوع من الجناس أحوال وأضرب متعددة، ملخصها في الآتي: أن يقع الاختلاف في الطرفين بحرف واحد بأن يكون في أول الطرف الزائد، مثل قول الشاعر:
وكم سبقت منه إلي عوارف ... ثنائي من تلك العوارف وارف
وكم غُرَر من بِره ولطائف ... بشكري على تلك اللطائف طائف
فـ"العوارف" يعني بها: المعروف، و"وارف": الممتد، و"الغرر": الصنائع الجميلة، والمعنى: له علي فضائل سابغة استحقت مني كل شكر وثناء. والجناس بين "عوارف" و"وارف" وبين "لطائف" و"طائف" وقد وقع الحرف الزائد في أول الطرف الذي به الزيادة العين في "عوارف" واللام في "لطائف". وقد يكون الحرف الزائد في وسط الطرف المزيد كقول الشاعر: